أخبارالرئيسة

موريتانيا والسنغال على أعتاب الغاز: خطوة واثقة نحو المستقبل. احمد عبد الله

افتتاحية:

شهدت موريتانيا اليوم حدثاً مفصلياً في تاريخها الاقتصادي والسياسي، تمثل في الزيارة المشتركة التي أجراها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ونظيره السنغالي السيد باسيرو ديوماي فاي إلى حقل “آحميم الكبير”، المشروع الغازي العملاق المشترك بين البلدين. هذه الزيارة الرمزية والعملية في آنٍ واحد، تعكس نضج العلاقات الثنائية بين نواكشوط وداكار، وتعزز الأمل في مستقبل طاقوي مشترك يعيد رسم معالم التنمية في غرب إفريقيا.

تأتي هذه الزيارة في لحظة دقيقة، حيث بدأ العد التنازلي للإنتاج الفعلي من الحقل، بعد سنوات من العمل الفني والدبلوماسي الدقيق. المشروع الذي تطوره شركة BP وشركاؤها، يمثل ليس فقط ثروة طاقوية واعدة، بل أيضاً اختباراً حقيقياً لقدرة موريتانيا على الانتقال من مرحلة التنقيب إلى استغلال مستدام لثرواتها، ضمن شراكات متوازنة تُراعي المصالح الوطنية العليا.

وقد أظهرت موريتانيا بقيادة الرئيس الغزواني حساً عالياً من الواقعية الاقتصادية والمسؤولية السيادية، حيث تم تعزيز الأطر التنظيمية وتطوير البنية التحتية القانونية والمالية المرتبطة بالصناعات الاستخراجية. كما أن الرؤية الهادئة والمتدرجة التي تنتهجها الدولة في التعاطي مع هذه الطفرة، تمنح المشروع مصداقية أكبر، داخلياً وخارجياً.

غير أن التحدي الحقيقي يبدأ الآن. فالثروة الغازية، رغم أهميتها، ليست هدفاً بحد ذاته، وإنما وسيلة لدعم قطاعات أخرى أكثر ارتباطاً بحياة المواطن اليومية، من صحة وتعليم وتشغيل. وسيكون لزاماً على الحكومة أن تكرّس هذه الموارد الطاقوية في مشاريع تنموية واقعية، شفافة، وعادلة في توزيعها الجغرافي والاجتماعي.

ختاماً، فإن زيارة الرئيسين لحقل “آحميم” ليست مجرد حدث رسمي، بل إعلان صريح عن دخول موريتانيا والسنغال مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي، يُراد لها أن تكون نموذجاً إفريقياً في حسن استغلال الموارد، والتعاون بين الجيران، وفتح آفاق التنمية على أسس صلبة. وهو مسار يبدو أن موريتانيا اختارت أن تسلكه بثقة، وبدعم شعبي متزايد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى