تحقيقات و تقارير

المراهقون في فخ الإدمان الرقمي: مخاطر التسمر خلف الشاشات وتحديات المواجهة

 

في زمن أصبح فيه الهاتف الذكي رفيقًا يوميًا لكل مراهق، ومع التوسع الكبير في استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي، باتت ظاهرة الإدمان الرقمي من أبرز التحديات التي تهدد صحة وسلوك الناشئة. وبين المحتوى الترفيهي والانبهار التكنولوجي، تتوارى مخاطر حقيقية تهدد التوازن النفسي والجسدي والاجتماعي للمراهقين في موريتانيا ومختلف أنحاء العالم.

1. أضرار الإدمان الرقمي: ما الذي يحدث فعلًا؟

اضطرابات نفسية وسلوكية

يؤكد المختصون أن الإدمان على مواقع التواصل يرفع معدلات القلق والاكتئاب ويعزز الشعور بالعزلة، كما يؤثر سلبًا على الانتباه والقدرة على التحصيل الدراسي. ويُلاحظ أن المحتوى المثالي الذي يراه المراهقون على “تيك توك” و”إنستغرام” يخلق لديهم شعورًا بالنقص والمقارنة المستمرة، ما يزيد من هشاشتهم النفسية.

مشاكل جسدية متفاقمة

السهر المتكرر خلف الشاشات، والتقليل من الحركة، يؤدي إلى اختلال النوم، ضعف البصر، وزيادة الوزن. كما أصبحت شكاوى آلام الرقبة والعمود الفقري أكثر شيوعًا بين المراهقين، نتيجة الجلوس الخاطئ لفترات طويلة.

تأثيرات اجتماعية سلبية

الانعزال الرقمي يخلق حاجزًا أمام المراهق في التفاعل الواقعي، ويؤدي إلى تراجع مهارات الحوار والانخراط الاجتماعي. إلى جانب ذلك، يزداد خطر التعرض لـ المضايقات والتنمر الإلكتروني، فضلًا عن الانسياق وراء تحديات خطيرة.

2. كيف نواجه الظاهرة؟ معالجات عملية ومقترحات فعالة

رقابة أسرية ذكية

بدلًا من المنع القاطع، يُنصح باعتماد أسلوب رقابة مرن يقوم على:

تحديد أوقات لاستخدام الهاتف.

مشاركة الاهتمام بعالم المراهق الرقمي.

فتح حوار دائم حول ما يراه ويشعر به.

تعليم وتثقيف رقمي

المدرسة مطالبة اليوم بتوفير مقررات للتربية الرقمية، تُعلّم الطلاب قواعد الاستخدام المسؤول، والتمييز بين المحتوى المفيد والضار، إضافة إلى التوعية بمخاطر مشاركة البيانات الشخصية.

بدائل واقعية جاذبة

إتاحة الفرص للمراهقين للمشاركة في أنشطة بدنية وفنية، أو في نوادٍ تطوعية، من شأنها أن تُقلل من تعلقهم بالهواتف، وتُعيد التوازن لنمط حياتهم.

الاستفادة من أدوات الهواتف

معظم الهواتف الذكية تتيح للأهل استخدام أدوات مثل:

ضبط وقت الشاشة (Screen Time).

تقييد التطبيقات الحساسة.

مراقبة فترات الاستخدام وتحديد التطبيقات المسموح بها.

 

3. تجارب دولية ملهمة

الصين: فرضت قيودًا على مدة استخدام الألعاب الإلكترونية للمراهقين، لا تتجاوز ثلاث ساعات في الأسبوع.

فرنسا: منعت الهواتف الذكية داخل المدارس الابتدائية والمتوسطة.

كوريا الجنوبية: أنشأت مراكز متخصصة لعلاج الإدمان الرقمي، بدعم من الدولة.

الولايات المتحدة: طورت تطبيقات لمراقبة الأبناء، مع حملات واسعة للتربية الرقمية داخل المدارس.

 

4. نحو وعي جماعي في موريتانيا

في ظل دخول البلاد مرحلة التحول الرقمي، من الضروري إطلاق استراتيجية وطنية للتربية الرقمية، تشمل:

إشراك الأسر في التوعية.

تأهيل المعلمين لمرافقة الطلاب رقميًا.

إشراك الإعلام في حملات توعوية هادفة.

فالإدمان على مواقع التواصل ليس قدرًا محتومًا، بل تحدٍّ يمكن احتواؤه بالتوعية والاحتضان الأسري والبدائل التربوية الملهمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى