مقالات

افتتاحية/ الحج.. التفتيش ينقذ ما تبقى من الهيبة



تسجيل عجز مالي بمئات الملايين، وفوضى تنظيمية تضرب أحد أكثر الملفات حساسية في الجهاز الإداري للدولة، هو ما تكشف عنه تقارير أولية بشأن ملف الحج لهذا العام. ومهما حاول البعض التهوين من وقع هذه المعطيات، فإن قرار المفتشية العامة للدولة بإيفاد مفتش خاص لمرافقة البعثة إلى الأراضي المقدسة، لم يكن ليأتي لولا وجود مؤشرات جدية على خروقات تستدعي تدخلًا مباشرًا وسريعًا.

المفتش الناجي سيدي محمد خليفة، المعروف بدقته، كُلّف بمهمة لا تقل أهمية عن ركن من أركان الدولة قبل أن تكون ركنًا من أركان الإسلام. فالحج، بما يمثله في وجدان الموريتانيين، لا يحتمل أن يُدار بنفس العقلية التي تعالج بها ملفات عادية، ولا أن يتحول إلى مساحة جديدة للارتجال وسوء التسيير.

المخالفات التي تم تسجيلها – من تجاوزات في الحصة الرسمية، إلى مشاكل الإيواء، وتقليص فترات إقامة الحجاج – لا تعني فقط إخفاقًا إداريًا، بل تمسّ كرامة الحاج الموريتاني وحقه في أداء فريضته في ظروف تحفظ له راحته وطمأنينته.

ننتظر من التقرير النهائي للمفتش ولد محمد خليفة أن يكون على مستوى التحدي، وأن يُسلّط الضوء على مكامن الخلل دون مجاملة أو محاباة، تمهيدًا لإعادة النظر في الطريقة التي تُدار بها بعثاتنا الدينية مستقبلاً، خاصة حين يتعلق الأمر بالحج، وهو ملف يجب أن يظل بمنأى عن الفوضى والمصالح الضيقة.

لقد آن الأوان لأن نُخرج ملف الحج من الحسابات الضيقة، ونُعيده إلى طبيعته كخدمة روحية وإدارية ذات بعد وطني، تحكمها الشفافية، ويُحاسب فيها من يخطئ، أيًّا كان موقعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى