مقالات

افتتاحية :الحوار الوطني المرتقب .. موريتانيا على مفترق طرق

في لحظة فارقة من تاريخ الدولة، تعود موريتانيا من جديد إلى منصة الحوار الوطني، حاملة آمال شعبها العريض في مستقبل أكثر انسجامًا وعدلاً وشفافية. وبين من يرى في هذه المحطة فرصة حقيقية لإصلاح الأعطاب البنيوية، ومن يراها مجرّد تمرين سياسي عابر… يبرز سؤال الساعة: هل سيكون هذا الحوار مختلفًا؟

لقد أعلن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني نيّته عقد حوار شامل لا يُقصي أحدًا، ويشمل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين ومكونات المجتمع كافة، في خطوة تلقّفها كثيرون باعتبارها فرصة تاريخية لتكريس التعايش وتجديد العقد الوطني. لكن التجارب السابقة، من حوارات 2005 إلى 2018، ما تزال تلقي بظلالها الثقيلة، وتطرح بجدية مطلب الضمانات العملية قبل الدخول في لعبة الكلمات والوعود.

جدية الحوار لا تُقاس بنوايا المتحاورين فقط، بل بما يُبنى عليه: هل سيتطرق بصدق لقضايا الهوية والعدالة الاجتماعية؟ هل سيُعيد النظر في قانون الأحزاب والانتخابات؟ هل سيضع حدًّا لمسلسل التهميش التاريخي؟ أم أن الدورة ستُعاد، وتنتهي الجلسات بمحاضر محفوظة ومطالب مؤجلة؟

إن نجاح الحوار هذه المرة ليس ترفًا سياسيًا، بل ضرورة وجودية. فالوضع الإقليمي غير مستقر، والتحديات الداخلية من بطالة وفقر وفوارق اجتماعية، باتت ضاغطة على الدولة والمجتمع معًا. ولذا، فإن المطلوب اليوم ليس مجرد دعوة للجلوس، بل التزام واضح بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، بعيدًا عن المناورات أو الحسابات الضيقة.

المؤشرات الأولية، من حيث مستوى التمثيل والتكليف بمنسق وطني، تعكس نية جادة، لكن الرأي العام ينتظر إشارات أوضح: خريطة طريق معلنة، رزنامة زمنية محددة، ومخرجات ملزمة قانونيًا.

في الختام، لا نحتاج حوارًا لتبادل الخطب، بل لكتابة الصفحة التالية من عمر الدولة، بأقلام الجميع لا بقرارات البعض.

✍️ أحمد عبد الله
المدير الناشر
30 يونيو2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى